خبر..
دعت فاعليّات حقوقيَّة مغربيَّة إلى إلغاء الفصل 490 من القانون الجنائيّ الَّذي ينصّ على معاقبة جريمة الفساد وإقامة علاقة جنسيَّة بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجيَّة، مطالبين بضمان ممارسة الحريَّة الجنسيَّة بين رجل وامرأة بلغا سنّ الرّشد القانونيّ، شرط أن يكون من خلال التّراضي بينهما، ودون إكراه أو إجبار على ذلك.
ويُعاقَب طرفا جريمة الفساد، وفق بنود القانون الجنائيّ المغربيّ، بالحبس من شهرٍ واحدٍ إلى سنة، في حين أنَّ جريمة الخيانة الزَّوجيَّة يعاقب عليها بالحبس من سنة إلى سنتين، فيما يُعرّف القانون ذاته جريمة الفساد بكونها "كلّ علاقة جنسيَّة بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزّوجيَّة".
وفي ندوةٍ أقامتها الجمعيَّة المغربيَّة لحقوق الإنسان، لمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين لتأسيس الجمعية الأبرز إعلامياً في مجال الدفاع عن الحقوق والحريات في المغرب، طالب بعض المشاركين الدّولة بضمان "الحريَّة الجنسيَّة"..
وحثَّت خديجة الرياضي، رئيسة الجمعيَّة المغربية لحقوق الإنسان، الفاعليات المكوّنة للحركة الحقوقيَّة في البلاد، على النّضال من أجل إقرار مجالات ممارسة الحريّات الفرديَّة عند المغاربة وتوسيعها، مشيرةً إلى أنَّ العديد من الحريّات الفرديَّة أضحت بمثابة مطالب رئيسة لدى قطاع معتبر من الشَّباب، ومن ضمنها الحرية الجنسيَّة، وحريّة التصرّف في الجسد، وحريّة العقيدة، وحرية الإجهاض.
من جهته، شدَّد عالم الاجتماع العلماني، عبد الصَّمد الديالمي، على أنَّه لا ينبغي اعتبار ممارسة الجنس بين رجل وامرأة راشديْن بالتّراضي والتّوافق بينهما جريمة فساد، لأنَّ ذلك من صميم حريّاتهما الفرديَّة الَّتي يجب أن يكفلها القانون، مادام الواقع المعاش يفرض وجود العلاقات الجنسيَّة خارج إطار الزّواج.
وتعليق..
إنَّ غريزة الجنس هي من أقوى وأخطر الغرائز الّتي أودعها الله في نفس الإنسان، ولذلك، جعل الزواج سبيلاً شرعيّاً لإشباعها، وحرّم أيّ علاقة خارج هذا الإطار، نظراً إلى نتائجها الوخيمة في الدّنيا والآخرة. قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ}. [المؤمنون: 5-7]. وقال: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً}[الإسراء: 32].
ويعتبر سماحة العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض)، أنّ العلاقة الجنسيّة خارج نطاق الزّواج تمثّل، في نظر الإسلام، الفاحشة الّتي تسيء إلى عنصر الطّهارة لدى الإنسان، فيقول: "الله تعالى لم يرد للإنسان أن يعيش الغريزة الجنسيّة بشكلٍ فوضويٍّ، كما لو كانت استجابةً سريعةً لحالة طارئة في حجم اللّحظة الّتي سرعان ما تأتي وتذهب من دون أن تتعمّق في حياته، بل أراد له أن يعيشها في عمق المعنى الإنسانيّ للعلاقات، بحيث يشعر معها بالهدوء والاستقرار والطّمأنينة، وتمتزج فيها المادّة بالرّوح، وتحقّق له نوعاً من النّظام المتوازن الّذي تتحرّك فيه هذه العلاقة... [تفسير من وحي القرآنج 14، ص 101].
والحريّة لا تعني التفلّت من المسؤوليّات، بل هي حرية الإنسان في ممارسة حقوقه المشروعة، وليس من الحقوق المشروعة ممارسة الجنس بين طرفين بمجرّد تراضيهما، بل إنّ الله تعالى شرّع لعباده إطار الزّواج الّذي به تحصّن الفروج، وتحصّن الأعراض، ويحصّن المجتمع، وبالتّالي، تنتظم الحياة في خطّ الاستقرار والسّلامة والسّعادة. ولا يوجد أيّ تشريع أو قانون يقول بالحريّة المطلقة للإنسان، بل هناك حدود القيم والأخلاق الّتي لا تصلح الحياة بالتفلّت منها، وهذا أمر بديهيّ.
[المكتب الشّرعي التّابع لمؤسّسة العلامة المرجع فضل الله(رض)]