خبر
في حادثة غريبة من نوعها، سمح القضاء الأسترالي بفتح أكبر بيت دعارة في البلاد، بعدما كان المشروع مرفوضاً، ليس لاعتبارات أخلاقيّة، بل خشية القضاء على المنافسة في هذا المجال.
وكانت السّلطات البلديّة قد رفضت المشروع في سبتمبر/أيلول الماضي، معتبرةً أنّ حجم بيت الدّعارة الكبير جدّاً هذا، قد يقضي على المنافسة في هذا القطاع.
وادعت القاضية في المحكمة الّتي بتّت بالقضيّة، أنّ المؤسّسات المكرّسة للجنس شرعيّة... والاعتراض الأخلاقيّ ليس في محلّه.
وتعليق..
تعدّ هذه الخطوة في غاية الخطورة، وإن كان البعض يعتبرها من مظاهر تحرّر المجتمع.. فالدّعارة شيء مرفوض ومحرّم في كلّ الشّرائع السماويّة والأعراف والقيم، ولا يقبل بها أيّ إنسان يملك الفطرة السويّة، وهي تشكّل امتهاناً كبيراً لكرامة المرأة الّتي تتحوّل إلى سلعة للرجل، وآلة لتنفيس غريزته مقابل مبالغ زهيدة، إضافةً إلى المشاكل الأخرى المترتّبة على ذلك، من ازدهار لتجارة الرّقيق الأبيض في العالم، حيث يستغلّ الفقر في أماكن عديدة من العالم للتّجارة بالنّساء وإرغامهن على امتهان الدّعارة، وإكراههنّ عن طريق العنف والجريمة...
وعلى كلِّ المعنيّين بهكذا موضوعات، أن يعيدوا النّظر في قرارهم، بنشر الوعي حول مساوئها ونتائجها الوخيمة على المجتمع الإنسانيّ...
والدعارة في الإسلام محرمة حرمة مطلقة. وتنزل في القرآن الكريم بمعنى الزنا، وفي هذا السياق يقول سماحة المرجع فضل الله(رض) في معرض تفسيره للآية: {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدة}: لأنّهما انحرفا عن القاعدة الاجتماعيّة الّتي أراد الله أن يخضع لها نظام العلاقات الجنسيّة، بما يكفل ضبط نوازع الغريزة وتلبية حاجاتها، ويؤمّن الإيحاء الدّاخليّ الطّاهر بأنّها حاجة لتنمية الحياة في اتجاه هدف متوازن، وليست قيمةً تتجمّع في داخلها طموحات النّفس... وقد جعل الله نظام الأسرة مرتكزاً على هذه القاعدة الّتي ترى في عقد الزّواج شرطاً لشرعيّة العلاقة بين الرّجل والمرأة، فيما يفرضه التعاضد الذاتي من حقوق وواجبات على أساس المودّة والرّحمة الإنسانيّة، فلم تعد مسألة الزّنا مسألة فرديّة يستجيب فيها الإنسان لنوازعه الذاتيّة، أو نزوة غريزيّة يخضع الإنسان فيها لمشاعره الجنسيّة، لتكون مجرّد خطأ طارئ من أخطاء الإنسان الّتي تترقّب العفو، بل هي مسألة تمرّد على تركيبة النّظام الاجتماعيّ، ما يجعل الخلل النّاتج من هذا الانحراف أو ذاك، خللاً يمسّ السّلامة الاجتماعيّة. ولهذا، أراد الله أن يعطي لهذه المسألة حجمها الحقيقيّ الّذي يصل إلى حجم الجريمة، فجعل عقوبة الزّنا لكلّ من الزاني والزّانية مائة جلدة، أي مائة سوط، إذا لم يكونا محصّنين، أو لم يكن أحدهما محصّناً بالزّواج..
أمّا إذا كانا محصّنين، أو كانا أحدهما كذلك، فإنّ الحكم هو الرّجم، الّذي أوضحته السنّة النبويّة الشّريفة، عبر ما تحدّث به النبيّ(ص) وما فعله، إذ إنّه أقام هذا الحدّ ـ وهو الرّجم ـ أكثر من مرّة حصل فيها الزّنا بعد الإحصان، ثم امتدّ ذلك الحكم بعد ذلك، حيث كان القضاء الإسلاميّ يمارسه دون اعتراض من أحد، ما يدلّ على وضوح المسألة حتّى أصبحت من المسلّمات الفقهيّة.
[تفسير من وحي القرآن، جزء 16، ص 217].