خبر..
أشارت الاختصاصيَّة النفسيَّة السعوديَّة، سناء سمير الهويلي، إلى تنامي ظاهرة العنف ضدّ الأطفال في المملكة، إذ تؤكّد الإحصاءات تعرّض 45% من الأطفال للعنف، مطالبةً بإطلاق حملة توعويَّة تستهدف شريحة كبيرة من المجتمع للتصدّي لهذه الظّاهرة، حيث يواجه عدد كبير من التّلاميذ التعنيف اللّفظي والجسدي، سواء داخل المدارس أو في المنازل.
وقالت الهويلي، صاحبة مركز "الذّكاءات المتعدّدة" للتّوزيع والنشر، إنَّ الحالات الَّتي رصدها برنامج الأمان الأسري، بلغت أكثر من 500 حالة عنف ضدّ الأطفال خلال العام الماضي، بزيادة كبيرة مقارنةً بالعام الّذي سبقه، حيث كانت تبلغ 292 حالة.
وذكرت الاختصاصيَّة أنَّ الأمر يدلّ على وجود حالات إساءة في المعاملة وإهمال للأطفال، ما يحتاج إلى تعديل جذريّ لسلوكيات الوالدين، ويتطلّب تعريفهما بالطَّريقة الصَّحيحة للتّعامل مع الأطفال، مهما كانت تصرّفاتهم.
وشدَّدت الهويلي على ضرورة إجراء حوارٍ مستمرّ مع الطّفل، وتوضيح الصّورة له، حتى يفهم أنَّ الوالدين غاضبان من سلوكه وليس من شخصيَّته، مع أهميَّة توضيح الخطأ حتّى لا يكون غامضاً.
وأوضحت أنَّ تصرّفات الوالدين وتعاملهما مع الطّفل تنعكس عليه، فقد تؤدّي إلى تأخر نموّه العقلي أو البدني، أو قد تدفعه إلى العدوانيَّة والهروب من المنزل، وقد تضعف ثقته بنفسه، إضافةً إلى إثارة الشّعور بالقلق والذّنب والخجل لديه.
وتعليق..
الأطفال نعمة من الله وأمانة استودعها عندنا، وهم عماد المستقبل، ومن واجبنا توفير النَّشأة السَّليمة لهم، والحياة الكريمة الهادئة البعيدة عن العنف والتمرّد، حتّى نصنع منهم رجالاً نافعين لمجتمعهم وأمّتهم.
وعن ظاهرة العنف ضدّ الأطفال في الأوساط الأسريَّة، يقول سماحة العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض):
إنَّ الطّفل ليس ملكاً للأب أو للأمّ أو لسائر أفراد الأسرة، بحيث يعتبرونه من خصوصيَّاتهم الَّتي يملكون حريَّة التصرّف فيها، وحتّى ممارسة العنف معه نتيجة الأخطاء الصَّادرة عنه، ومن الطَّبيعي أنَّ الولاية الّتي للأب، ومن النّاحية الواقعيّة للأمّ، تفرض عليهما تأديب الطّفل، ولكنَّ وسائل التَّأديب لا تنحصر بالضَّرب، بل إنَّها قد تنطلق من خلال بعض الأساليب النفسيَّة أو الإغراء بما يحبّ الطّفل أو يرغب، أو بحرمانه مما يحبّ ويرغب، وإذا توقَّفت المسألة عند الضَّرب، فلا بدَّ من أن يكون ضرباً تربويّاً، وألاّ يكون ضرباً ناشئاً عن عقدة يعيشها المربّي، سواء كان أباً أو أمّاً أو أخاً أو مربّياً في مؤسّسة تربويَّة، لأنَّ البعض ربما ينطلق في مواجهته لأخطاء الأطفال، في البيت أو المؤسَّسة، من خلفيّات ذاتيَّة، من خلال ظروفه العائليَّة أو الاجتماعيَّة أو النفسيَّة، فيحاول أن ينفِّس عن كلّ ما في نفسه بواسطة الضّرب المبرّح. ولا يُلجأ إلى الضَّرب، كما أشرنا، إلا بعد استنفاد كلّ الوسائل الَّتي يمكن لها أن تؤدّي الغرض التّربوي، وهذا يتطلَّب دراسةً دقيقةً لظروف الطّفل الّتي تدفعه إلى الخطأ، والاستفادة من ذلك في جعل الخطأ لحظة تربية له، لتعريفه ـ من موقع طفولته البريئة ـ بسلبيّاته، والخيارات البديلة الّتي يمكن له من خلالها أن يتحرّك أو ينفّس عن أوضاعه.
وإنَّ علينا ـ كآباء وأمّهات ومربّين ـ أن نفكّر في أنَّ الأولاد يتحرّكون غالباً من خلال المناخ الّذي تعيشه العائلة في علاقاتها. ولذلك، فإنَّ المطلوب كإحدى الوسائل التّربويَّة، توفير المناخ الملائم بين أفراد الأسرة، لينعكس ذلك إيجاباً على تصرّفات سائر أفراد الأسرة الَّذين يتأثّرون بهذا المناخ بشكلٍ وبآخر.
حوار "العنف ضدَّ الأطفال" ـ موقع بيّنات