قصيدة إقبال بحقّ السيِّدة الزّهراء(ع):
هي بنت من؟ هي زوج من؟ هي أمّ من؟
يفتتح الفيلسوف والأديب الباكستانيّ الشَّهير محمَّد إقبال قصيدته عن الصّدّيقة الطّاهرة فاطمة الزّهراء(ع) سيّدة نساء العالمين، بإشارةٍ إلى منزلتها، لافتاً إلى أنَّ مكانتها المميَّزة ستبقى خالدةً مدى الزمن، بما فيها من عبق الرّسالة المحمديّة الأصيلة، فهي الَّتي ولدت في بيت الوحي والتَّنزيل، وأبوها رسول الله، وزوجها عليّ، فليس لها على وجه الأرض من نظيرٍ في شرف نسبها، وكانت أحبّ الخلق إلى رسوله هي وبعلها وأولادها، وهم كانوا ولا يزالون نبراساً ونوراً تستضيء به الخلائق، ويقتدون بسيرتهم العطرة الَّتي تبني العقول وتؤكّد الإيمان والإخلاص لله في كلّ حركة وموقف وشعور.
قال إقبال:
نسب المسيح بنى لمريم سيرةً بقيت على طول المدى ذكراها
والمجد يشرق من ثلاث مطالعٍ في مهد فاطمة فما أعلاها
هي بنت من؟ هي زوج من؟ هي أمّ من؟ من ذا يداني في الفخار أباها؟
هي ومضةٌ من نور عين المصطفى هادي الشّعوب إذا تروم هداها
هي رحمةٌ للعالمين وكعبةُ الـ آمالِ في الدّنيا وأخراها
من أيقظ الفطرَ النّيامَ بروحه وكأنّه بعد البلا أحياها
وأعاد تاريخ الحياة جديدةً مثل العرائس في جديد حلاها
ولزوج فاطمة بسورة هل أتى تاجٌ يفوق الشّمس عند ضحاها
أسدٌ بحصن الله يرمي المشكلا تِ بصيقلٍ يمحو سطور دجاها
إيوانه كوخ وكنز ثرائه سيف غدا بيمينه تيّاها
ثم ينتقل الأديب والفيلسوف محمّد إقبال إلى ذكر الذّريّة الفاطميّة المطهَّرة، وما منحته للإسلام والمسلمين من عزَّةٍ وكرامة، وما بذلته في سبيل إعلاء كلمة الله، حتّى صارت مثلاً في الحريَّة والعطاء والتّقوى والإنسانيّة للعالمين جميعاً:
في روض فاطمة نما غصنان لم ينجبهما في النّيّرات سواها
فأمير قافلة الجهاد وقطب دائرة الوئام والاتحاد ابناها
حسن الّذي صان الجماعة بعدما أمسى تفرّقها يحلّ عراها
ترك الخلافة ثم أصبح في الدّيار إمام ألفتها وحسن علاها
وحسين في الأبرار والأحرار ما أزكى شمائله وما أنداها
فتعلّموا دين اليقين من الحسين إذا الحوادث أظلمت بلظاها
وتعلّموا حريّة الإيمان من صبر الحسين وقد أجاب نداها
ويختم الشَّاعر محمد إقبال اللاهوري قصيدته في الصّدّيقة فاطمة الزهراء(ع) بذكر نموذجٍ من عطائها الفيّاض والدّائم البركات على الأمَّة الإسلاميَّة، بما يحفّز المسلمين جميعاً على الالتقاء عندها، والتوحّد على سلوكيّاتها:
الأمّهات يلدن للشَّمس الضّياء وللجواهر حسنها وصفاها
ما سيرة الأبناء إلا الأمَّهات فهم إذا بلغوا الرّقيّ صداها
هي أسوة للأمَّهات وقدوة يترسّم القمر المنير خطاها
لما شكا المحتاج خلف رحابها رقت لتلك النّفس في شكواها
جادت لتنقذه برهن خمارها يا سحب أين نداك من جدواها؟
نور تهاب النّار قدس جلاله ومنى الكواكب أن تنال ضياها
جعلت من الصّبر الجميل غذاءها ورأت رضى الزوج الكريم رضاها
فمها يرتّل آي ربّك بينما يدها تدير على الشّعير رحاها
بلّت وسادتها لآلئ دمعها من طول خشيتها ومن تقواها
جبريل نحو العرش يرفع دمعها كالطّلّ يروي في الجنان رباها
هذا بعض مما أفاض به الأدباء والشّعراء في ذكرهم لسيِّدة نساء العالمين(ع)، والّتي كانت أنموذج المرأة الرّساليّة العالميّة، بحيث اختصرت روح الإسلام وحركته بسيرتها الطيِّبة، على رغم قصر عمرها الشَّريف.
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.