خبر..
تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعيّ، صوراً لطفل معلّق على جدار بشريط لاصق، بينما أهله مستلقون بالقرب منه دون أن يأبهوا لصراخه واستغاثته. من جهتها, دعت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية، كل من يعرف شيئاً عن الموضوع، إلى التواصل مع الجمعية للتأكد من الأمر واتخاذ الإجراءات اللازمة بالتنسيق مع الجهات الحكومية لمعاقبة المسؤولين عن انتهاك حقوقه.
وقال عضو في الجمعيّة الوطنيّة لحقوق الطفل، إن هذا المشهد يعبّر عن انتهاك واضح وصريح لحقّ الطّفل في الأمان والحياة، كما يدلّ على العبث، وأنّ هذا التصرّف مستنكر، إذ إنّه إجرامي ونابع من أننا نعاني عدم وجود رادع إزاء هكذا تصرّفات، وأنّ النظام المفترض لحماية الطّفل مفقود، وأنّ هناك أيضاً عقليّة مغلوطة قد تقف وراء هذا السّلوك تنطلق من أنّ الطّفل هو ملك للوالدين مثلاً.
وأضاف أنّ هذه الصّور تشجّع على ثقافة العنف ضدّ الأطفال في المجتمع، وأنّ هناك قصوراً تجاه معالجة هذه التصرّفات من قبل الأب أو الغير في نشرهم ثقافة التسلّط عل الأطفال.
وتعليق..
الطّفل كيان متكامل، ومن المفترض أن يكون تحت رعاية الأهل الكاملة، فهم الّذين يؤثّرون بشكل أساس في تلك الشخصيّة، ويمنحونها القوّة والثّقة بالنّفس، وما تحتاجه من اهتمام مادّيّ ومعنويّ، فالأطفال أمانة ومسؤوليّة، أوّلاً على مستوى الأهل، وثانياً على مستوى المحيط والمجتمع، فهم أبناء المستقبل الّذين يجب إعدادهم وتوجيههم وإدارة شؤونهم بالشّكل الطّبيعيّ والسّليم الّذي يؤتي ثماره خيراً على الجميع.
وفي سياقٍ متّصل، يتحدّث سماحة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض) عن العنف داخل الأسرة، فيقول:
إنّنا نوصي الأهل بأن لا ينظروا إلى نتائج العنف بعين واحدة، بل أن ينظروا إليه بشكل كلّيّ، لجهة تأثيره قوّةً وضعفاً في شخصيّة الطّفل ككلّ، والاستعاضة عنه بالبحث عن أفضل الوسائل الّتي تكفل اقتلاع السلوكيّات الانحرافيّة من جذورها، دون إيقاعه في مشاكل أخرى قد ترهق نفسيّته، أو قد تعقّد علاقتهم به في المستقبل، لأنّ هذه التعقيدات النفسية قد تخلق من الطّفل شخصاً يختزن التمرّد، رغبةً في الثأر من الاضطهاد الذي يلقاه من أهله، وربما تزيد رغبته في السّلوك الممنوع عنه بالعنف، لأنّ العنف لا يقنع، ولكنه يُسكِت، دون أن يزيل ميول الانحراف وتأثيراتها في الشخصية، وربما يخلق موقفاً عدائيّاً من الأهل، بحيث يفقد حبّه لهم بطريقة أو بأخرى...
ولذلك نوصي الأهل بأن يصبروا على أخطاء الطّفل، وأن يعالجوها بالحكمة والنفس الطويل، تماماً كما يعالج الطّبيب مرضاه، بإعطائهم الجرعات المنتظمة الّتي تشفيهم من المرض بشكل دقيق وحكيم.
وهناك نقطة نحبّ أن نؤكّدها، وهي أنّ الأهل لا يعتمدون العنف دائماً بهدف تربويّ، إنما بغرض التّنفيس عن الغيظ الكامن داخل نفوسهم، بسبب ضغوطات خارجية، سواء أكانت تلك الضغوطات عاطفية أم وظيفية أم سياسية أم اقتصادية أو ما إلى ذلك، فإذا أخطأ الطّفل، وجدوا فرصتهم في التنفيس بطريقة يبرّرها لهم من يؤمنون بهذا الأسلوب في تربية الأطفال، وهم يعرفون تمام المعرفة، أنّ هدفهم من ذلك ليس تربية الطّفل، ولكن مجرّد التّنفيس عما لديهم من عقدة.
ولذلك فإنّ ظلم الطّفل بممارسة العنف ضدّه، يمثّل معصية كبيرة عند الله تعالى.. وقد يقول قائل إنّنا قد نصل إلى مرحلة لا نملك فيها حماية الطّفل وإنقاذه من النّتائج السلبيّة لسلوكه إلا بالعنف، ما يجعل امتناعنا عن العنف امتناعاً عن إنقاذه مما قد يهلكه عقليّاً أو جسديّاً أو تربويّاً.. ونحن نقول: أوّلاً على الإنسان أن لا يستعجل الحكم باستعمال العنف، بل يجب عليه أن يدرس الأمر بدقّة متناهية، تماماً كما يدرس الطّبيب الظّاهرة المرضيّة الموجودة في جسد الإنسان..
إنّ القاعدة التربويّة الإسلاميّة تقول إنّه لا يجوز اللّجوء إلى العنف، إلا بعد استنفاد كلّ الوسائل الأخرى، واكتشاف عدم فعاليّتها...[من كتاب دنيا الطفل، ص:215 وما بعدها].