[جاء في دعاء مكارم الأخلاق للإمام زين العابدين (ع):]
"اللَّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِه، وحَلِّني بحِلْيَةِ الصّالِحِينَ،
وأَلْبِسْني زينَةَ الْمُتَّقِينَ في... لينِ الْعَرِيكَةِ، وَخَفْض الْجناحِ،
وَحُسْنِ السِّيرَةِ، وَسُكُونِ الرِّيحِ، وَطِيبِ الْمُخَالَفَةِ، والسَّبْقِ إلَى
الْفَضِيلَةِ...".
يا ربّ، إنّني أحبّ أن أكون الإنسان الطيّب اللّين في طبيعته، المنفتح على النّاس،
اللّطيف معهم، البعيد من التعقيد في علاقته بهم، المتواضع الّذي يقدّم التنازل من
ذاته إلى الآخرين من غير ضعف، بل للمحبّة، لأنّه لا ينظر إليهم من موقع الكبرياء،
بل من موقع الرفق بإنسانيتهم التي تتلقي بإنسانيته، حتى تنفتح الذات على الذات
الأخرى، فتبعدها عن الانغلاق من خلال بعض النّوازع النفسيّة المعقَّدة التي تذوب
وتتلاشى بالأسلوب العملي في التواضع الإنساني.
يا ربّ، إنّي أحبّ أن أكون الإنسان المتّزن في عناصر الشخصيّة، الوقور في توازن
الحركة في الذات وفي العلاقات، وفي المواقع أو المواقف، لأنَّ ذلك هو الذي يحفظ لي
الثّبات المستقرّ في النظرة إلى الأشياء وإلى الناس من حولي، فلا أسقط أمام
اهتزازات الأوضاع.
يا ربّ، إني أحب أن تمنحني القدرة الروحية على أن أملك حلاوة اللّسان وحيويّة
المزاج، ومرونة الأسلوب، وروحيّة المحبة، لتتكامل كلّ هذه العناصر الإنسانيّة
الطيّبة في ذاتي، فتتحوّل إلى سلوك عمليّ في المعاشرة الحسنة، وطيب المخالقة للنّاس،
حتى يكون وجودي في داخل مجتمعهم، رمزاً للتّواصل، ومفتاحاً للخير، ومنطلقاً للسّرور.
اللّهمّ امنحني ذلك كلّه، حتى تكون عناصر ذاتي منطلقاً للسّموّ الروحي والأخلاقي،
والحيويّة السلوكيّة في حياتي العامّة والخاصّة.
اللّهمّ اجعل لي في تطلّعاتي في الحياة، طموح الإنسانيّة في ذاتي، في محاولتها
الدّائمة للتقدّم في مدارج الرّفعة الروحيّة والكمال الإنساني، فأعمل على أن أكون
من السّابقين إلى الفضيلة التي تقترب بي من الدّرجات العالية في العلم والعمل،
فأحصل على التفوّق النّوعيّ الذي يحمل معنى القدوة المثلى والمثل الأعلى، لتنطلق
السّاحة إلى السّير في الدرب الذي سيّرت فيه، وإلى الهدف الذي تحركت نحوه، وفي
المجالات التي عملت فيها، فأنال بذلك فضل السّبق في حركة القدوة التي تجتذب الناس
إلى أقوالها وأفعالها، لتحصل على ثواب ذلك في الحاضر والمستقبل.
* من كتاب "في رحاب دعاء مكارم الأخلاق".