خبر..
يعتبر عدد ركعات الصّلاة من العناصر الأساسية في صلاة المسلم. وفي هذا الإطار، ابتكر إيلدار كليتشيف الرّوسي، سجادة تراقب وضع المصلّي أثناء الصلاة، بواسطة جهاز استشعار يثبت عدد الركعات. وإذا أخطأ المصلّي في عدد الركعات التي يؤدّيها أثناء صلاته، أو أخطأ في تتابع تغير وضعيّات الصلاة، يبدأ هذا الجهاز بإطلاق ذبذبات اهتزازيّة، لا تؤثّر في سير الصلاة.
يقول المبتكر إيلدار: "أحياناً عندما أصلّي، أخطئ في حساب الركعات التي من الواجب أداؤها في الصّلاة، لذلك نضجت هذه الفكرة في رأسي، وقرّرت ابتكار هذه السجادة التي باعتقادي ستساعد المسلمين في كافة أنحاء العالم في صلاتهم".
هذا وقد حصل المبتكر ومساعدوه على براءة اختراع رسميّة في روسيا، وقدموا الوثائق اللازمة للحصول على براءة اختراع دوليّة.
ويقول إيلدار، إنّه يخطّط لتنفيذ مشروعه قريباً، حيث سيكون سعر السجّادة في متناول الجميع، ويأمل في أن يكون المشروع مربحاً من الناحية التجارية، وخصوصاً أنّ عدد المسلمين في العالم حوالى ملياري نسمة.
وتعليق..
في سياق متصل بالخبر، لا بدّ من التنويه بهذا الإنجاز، ولكن المهمّ كما هو معلوم، ما للصلاة كعبادة أمرنا الله بها من أهمية في حياة الأفراد والجماعات، حيث تقوم بتهذيب النفس وتأصيل علاقتها بخالقها. وإذا ما تم التفاعل معها بالشكل الصحيح، فإنها تؤسّس للتقوى التي تحمي الإنسان من كلّ ما ينحرف به في حياته العامّة والخاصّة، هذه التقوى التي نفتقدها اليوم في مجتمعاتنا، إذ تسود لغة العصبية والفتنة التي تفقد الصلاة حضورها المتأصّل في الذات الفردية والجماعية. فالصلاة هي عبادة لها فعل إنساني وفعل اجتماعي، وهي تدعو إلى الانفتاح الواعي على الخطاب الإلهيّ في صناعة الإنسان والحياة على قواعد ثابتة وحكيمة.
وفي معرض كلامه عن أهمية عبادة الصلاة ومحوريتها في حياة الإنسان في علاقته بخالقه وتوحيده إياه، يقول سماحة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض):
"والصلاة تمثِّل العبادة التي يحلّق الإنسان من خلالها ليعرج بروحه إلى الله سبحانه وتعالى، باعتبار أنّ المصلّي يتكلّم مع الله، ويخشع بين يديه، ويخضع له، ويناجيه، ويذكر آياته، حيث يشعر الإنسان هنا بأنّه يرتبط بالله بشكل مباشر، من دون حواجز أو وسائط. وهذه هي العقيدة التوحيدية الخالصة الحقيقية، لأنَّ الله سبحانه وتعالى أرادنا أن نخاطبه وأن نعبده بشكل مباشر، قال تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}(يس/60-61)، أو كما في قوله تعالى: {وَأَنَّ المَساجِدَ لله فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدَاً}(الجنّ/18). كذلك قوله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}(غافر/60)، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي}(البقرة/186). نعم، ثمّة وسائط في الهداية، حيث جعل الله سبحانه الأنبياء والأولياء وسائط الهداية، الذين يهدوننا إلى الله من خلال ما أنزله من وحي عليهم، ومن خلال ما حملوه من خطوط هذا الوحي، وأكرمهم الله تعالى بالشفاعة، من خلال البرنامج الذي وضعه للشفاعة؛ إذ ليست الشفاعة عند الله سبحانه حالة شخصيّة تشبه شفاعة الناس لبعضهم البعض، بل تنطلق من خلال قوله تعالى: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنْ ارْتَضَى}(الأنبياء/28)، {وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ}(سبأ/23)، ومعنى ذلك أن الله تعالى جعل للأنبياء وللأولياء برنامجاً للشفاعة لا يتعدّونه. وليس معناه أنّ الله حدّد لهم أسماء الذين تنالهم الشفاعة، لتكون الشفاعة صورة شكليّة كما نسبه إلينا البعض تقويلاً لنا بما لا نقوله.
والصّلاة تربّي في الإنسان الشعور بعظمة الله سبحانه، ففي الأذان يُقال (الله أكبر) أربع مرّات في بدايته، واثنتين في نهايته، وفي الإقامة مرّتين في البداية ومرّة في النهاية، ثم تبدأ الصّلاة بالتكبير، وبالتكبير ينتقل المصلّي من عمل إلى عمل آخر. ولعلّه من هنا تفترق الصّلاة عن سائر العبادات؛ حيث إنّها لا تُترك بحال، فإذا لم يقدر الإنسان على الصلاة قائماً، صلّى جالساً، وإلا فمستلقياً، وإذا لم يقدر على تحريك أعضائه، أومأ إلى الرّكوع والسجود، بينما نجد أنّ الصوم يُترك إذا لم يقدر عليه ليُقضى في وقت آخر، وكذلك الحجّ؛ لأنّ الصّلاة مرتبطة بحركيّة التوحيد في حياة الإنسان اليوميّة، مما لا يُمكن للإنسان أن يعيش الغفلة عنه أبداً".[فكر وثقافة، العدد 376، العام 2004].