خبر..
تميّزت تشكيلة الحكومة الفرنسيّة الجديدة بتعيين نجاة فالو بلقاسم وزيرةً للتربية خلفاً لبنوا هامون. وبهذا التعيين، تكون نجاة فالو بلقاسم أوّل امرأة تتولّى مثل هذا المنصب في فرنسا، وتحتلّ المرتبة الثّالثة في ترتيب الوزراء.
ولدت نجاة فالو بلقاسم العام 1977 ببلدة بني شيكر بإقليم النّاظور، وهي منطقة أمازيغية تقع شمال المغرب، من أب مغربي وجدّة جزائرية، وترعرعت في كنف عائلة كثيرة العدد.
هاجرت وزيرة التربية الفرنسيّة الجديدة إلى فرنسا العام 1982، وعمرها لا يتجاوز خمس سنوات، برفقة والدتها وشقيقتها الكبيرة للالتحاق بالوالد الّذي كان يعمل في شمال فرنسا في مجال البناء.
باشرت دراستها في المدارس الفرنسيّة، ثم التحقت في العام 2000 بمعهد العلوم السياسية بباريس. وبعد انتهاء دراستها، تزوّجت ببوريس فالو العام 2005، الذي عمل كأمين عام في منطقة "سون إيلوار"، ومدير ديوان مكتب الوزير السابق أرنو مونتبور.
هذا، وبدأت نجاة فالو بلقاسم حياتها المهنية كمستشارة قانونية في مكتب محاماة بمجلس الدولة، وفي محكمة النقض، حيث أمضت ثلاث سنوات.
انضمت إلى الحزب الاشتراكي العام 2002، وعملت كمستشارة في ديوان رئيس بلدية ليون، جيرار كولومب، الذي كان أيضاً عضواً في مجلس الشيوخ الفرنسي.
ومن بين المهمّات التي أسندت إلى نجاة فالو بلقاسم آنذاك، تعزيز الديمقراطيّة في الأحياء الشعبيّة لمدينة ليون، ومقاومة التمييز العنصري والدفاع عن حقوق الإنسان، إضافةً إلى إيجاد فرص عمل ومساكن للشبّان الذين يعيشون في أحياء شعبيّة ويعانون البطالة...
معروف عن نجاة فالو بلقاسم أفكارها اليساريّة بحكم تاريخ عائلتها والمناطق التي كبرت فيها، وهي من أبرز المدافعات عن حقوق المرأة وعن نضالها السياسي ضدّ التمييز، ولا سيما في المناطق الفقيرة.
باشرت نجاة فالو بلقاسم نشاطها الوزاريّ بعزم، وكان هدفها الوحيد تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في جميع ميادين المجتمع، إضافةً إلى محاربة الأفكار المسبقة التي كانت تروّج بخصوص النساء.
في العام 2013، أنشأت نجاة فالو بلقاسم "المجلس الأعلى للمساواة بين الرّجال والنساء"، وهي هيئة تدافع عن مبدأ المساواة بين الجنسين في جميع مجالات الحياة.
وتعليق..
للمرأة كما الرّجل، حقّ العمل والولوج إلى ميدان العمل السياسيّ والاجتماعيّ والتنمويّ، والإفادة من كلّ خبراتها وطاقاتها في سبيل تنمية المجتمع وتطويره، لأنّ المرأة تمتلك عناصر القوّة والنجاح كما الرّجل، بلا فرق بينه وبينها في الحقوق والواجبات. ولقد أثبتت المرأة نجاحها في كلّ الميادين. واليوم، تتعرّض المجتمعات لكثير من الضغوطات التي تحاول إسقاطها ومحاصرتها، وللمرأة في مواجهة ذلك دور كبير ومسؤوليّة عظيمة في صناعة الوعي وإنتاج جيل نظيف شعوريّاً وعقليّاً وتربويّاً، فالمخاطر جمّة، وتتطلّب مساهمة الرّجل والمرأة في إعمار المجتمع وتحصينه بالقيم الرّوحيّة والإنسانيّة والأخلاقيّة.
وعن مسألة خوض المرأة مجال العمل، يقول سماحة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض):
"إننا نتصوّر أنّ للمرأة الحقّ في العمل الإنتاجي كما للرّجل، وقد كانت المرأة في العصور السابقة تعمل بحسب طبيعة العمل آنذاك، فكانت المرأة تشارك في أعمال الزراعة وفي الصناعة التي تتناسب مع طبيعة ظروفها المحيطة بها، ولم نجد هناك أية سلبيات شرعية من قِبَل العلماء والفقهاء حول عمل المرأة.
ولذلك، فإنّ مسألة دخول المرأة للعمل ليس سلبيّاً من حيث المبدأ، ولكن لا بدّ للمرأة من أن تعتبر أنّ دخولها في ميدان العمل كدخولها في أيّ ميدان آخر، سواء أكان سياسيّاً أم اجتماعيّاً أم اقتصاديّاً، لا بدَّ من أن يخضع للقيم الأخلاقيّة والروحيّة، تماماً كما هو الرّجل في كلّ نشاطاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لأنّ مسألة القيم هي مسألة تتصل بمصداقيّة الإنسان في كونه عنصراً صالحاً للمجتمع، وكونه منفتحاً على الآخرين من خلال القيمة لا من خلال المنفعة.
على ضوء هذا، نقول لا بدَّ للمرأة عندما تختار العمل، من أن تختار العمل الذي يتناسب مع إيمانها بالقيم التي تلتزمها دينيّاً، من قيم اجتماعيّة أو شرعيّة أو روحيّة، تماماً كما هو الرّجل في هذا المجال".[من حوار مع مجلة شؤون جنوبيّة، العام 2003].