خبر..
سيستطيع مسلمو موسكو إقامة الصّلاة، لا في المساجد الثابتة القليلة في المدينة فحسب، وإنما أيضاً في مساجد متنقّلة على شكل شاحنات تتوفّر فيها مستلزمات الصّلاة.
أفاد بذلك لوكالة "إنترفاكس" الرّوسية، مدير مشروع شركة "قازان"، أيرات قاسيموف، الّذي أوضح أنّ هذا المسجد سيبدأ عمله بموسكو اعتباراً من نهاية الأسبوع القادم.
المسجد المتنقّل عبارة عن حافلة مجهّزة، فيها غرفة للوضوء، وقاعة صغيرة للصّلاة تتّسع لـ 6 -7 مسلمين.
ويمكن للمسلم أن يستدعي المسجد عن طريق الإنترنت، ليأتي إلى عنوانه في أيّ مكان من العاصمة الروسيّة.
يذكر أنّ تلك الخدمة هي خدمة مجّانيّة. وكان منظّمو المشروع قد طرحوه لقلّة المساجد في موسكو الّتي يقطنها زهاء مليون مسلم.
وتعليق..
ربما تخفّف هذه الخدمة من أزمة عدم وجود مساجد ثابتة وكافية للمسلمين هناك، وتساهم إلى حدّ ما في حلحلة هذه المشكلة، وخلق أجواء نفسيّة مريحة لدى المسلمين، وجعلهم يؤدّون فريضة الصلاة دونما متاعب، على أمل أن تقام مساجد ثابتة تلبّي تطلّعات المسلمين وحاجاتهم هناك. والمفترض أن تؤدّي هذه المساجد دورها الطبيعيّ والرّياديّ في بناء الوعي العام ورفع مستواه، ورفده بمفاهيم الإسلام الأصيلة، وتأكيد روح المسؤوليّة، والتزام قيم الرّحمة والتّسامح والحوار، بما ينفع المجتمع ويصلح أوضاعه. واليوم، نحتاج فعلاً إلى مساجد تعمر النفوس وتغنيها وتفتح آفاقها.
وحول دور المسجد كساحة للمسؤوليّة، يقول سماحة المرجع السيّد فضل الله(رض):
"ربما كانت القاعدة الإسلاميّة، اعتبار المسجد منطلقاً لانفتاح الإنسان المسلم على الله، وساحةً لحركته في خطّ الله، وملتقى للواقع الإسلاميّ بين المسلمين. ولعلّ ذلك ينطلق من أنّ المسجد هو الموقع الّذي يعيش الإنسان المسلم فيه مع الله شموليّة علاقته به. ونحن نعرف أنّ العلاقة بالله لا تمثّل غيبوبةً صوفيّة أو ذاتية، بل تمثّل حركةً في الإنسان من خلال الله، وانطلاقة في الحياة على خطّ الله، وانفتاحاً على كلّ حركة المسؤوليّة، بما يمثّله الإنسان من طاقات تتحول كلّ منها إلى قاعدة للمسؤوليّة، لأنّ الإسلام يقول للإنسان إنّ طاقتك مسؤوليّتك ليست مجرّد امتياز تزهو به وتعلو على الآخرين من خلاله، ولكنّه حركة في الواقع تؤكّد فيها عبوديّتك لربّك من خلال تحريكك لنعمة ربّك فيما يرضيه". [كتاب "للإنسان والحياة"، ص 275].
وعن دور المسجد في بناء الأمَّة، يقول سماحته:
"لا بدَّ لنا من أن نبقي المساجد لله، وأن لا نطيِّفها أو نمذهبها، لأنّها للمسلمين جميعاً، حتّى لو اختلفوا في مذاهبهم في داخل الإطار الإسلاميّ إلى سنّي وشيعي.
القضيّة أنّ المساجد لله، وقد أراد للمسلمين أن يصلّوا معاً، وأن يعبدوا الله معاً، وأن يستمعوا إلى الوعي الإسلاميّ من خلال الّذين يملكون الوعي معاً.. إنَّ المسجد للمسلمين معاً، وعندما يجلس المسلمون جميعاً بين يدي الله، يعرفون من خلال هذه الرّوحانيّة الّتي تفيض عليهم بصلاتهم، ومن خلال هذه التّقوى الّتي تمنحهم إيّاها الصّلاة الّتي تنهى عن الفحشاء والمنكر، يعرفون كيف يتحاورون، وكيف يقول بعضهم لبعض فيما يختلفون فيه، أيّاً كانت خلافاتهم، سواء كانت في مسألة كلاميّة أو في مسألة فقهيّة، يقولون لبعضهم بعضاً ما قاله الله لهم: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ}[النّساء: 59]، لا تردّوه إلى عصبيَّاتكم، لا تردّوه إلى طائفيّاتكم، لا تردّوه إلى تعقيداتكم، لا تردّوه إلى حساسيّاتكم، إنّكم تشهدون أن لا إله إلا الله، فارجعوا إلى كتاب الله، وإنّكم تشهدون أنَّ محمّداً رسول الله، فارجعوا إلى سنَّة رسول الله".[كتاب "دور المساجد في بناء الأمَّة وتأصيل وحدتها"، ص 61].