خبر..
أظهر التّقرير السنويّ لـ "منظمة العمل الدولية" الصّادر يوم أمس الثلاثاء في جنيف، أنّ ربع الموظّفين والعمّال في العالم فقط لديهم عمل ثابت، الأمر الّذي يعزّز انعدام الأمان الوظيفيّ على مستوى العالم.
وشمل التّقرير 180 دولةً تشكّل اليد العاملة فيها 84 في المئة من إجمالي اليد العاملة في العالم. وأظهر أنّ ثلاثة أرباع العمّال والموظّفين لديهم عقود عمل مؤقّتة، أو أنّهم لا يملكون عقوداً أصلاً، أو يؤدّون أعمالاً ضمن العائلة لا تكون مدفوعة الأجر.
وقال المدير العام للمنظّمة غي رايد، إنّ "النّسب تعكس أجواء انعدام الأمان الوظيفيّ الّتي يعيشها العمّال والموظّفون اليوم في أنحاء العالم كافّةً".
وأضاف التّقرير أنّ "أكثر من 60 في المئة منهم ليس لديهم عقود عمل، ومعظمهم يعملون لحسابهم أو يساهمون في عمل عائليّ، في البلدان النّامية"، أمّا "المستخدمون الّذين يتقاضون أجوراً، فإنّ أقلّ من نصفهم (42 في المئة) لديهم عقود لمدّة غير محدّدة".
وثمة فرق كبير في النّسب بين منطقةٍ وأخرى من العالم، ففي الاقتصادات المتطوّرة في بلدان وسط أوروبّا وجنوبها الشّرقي، يحظى ثمانية أشخاص من أصل كلّ عشرة عمّال وموظّفين بعقود عمل، بينما لا تزيد النّسبة في دول جنوب آسيا وأفريقيا (جنوب الصّحراء) على اثنين إلى عشرة في المئة.
وطالبت المنظّمة الدّول "بتشديد التّشريعات التي تحمي المستخدمين، وتحول دون استغلالهم بشكل عشوائيّ وغير عادل".
وذكر التّقرير أنّ "نصف العمّال في العالم كانوا يتقاضون أقلّ من دولارين يوميّاً، وانخفضت النّسبة إلى الرّبع في العام الماضي، لكن في المقابل، وصلت نسبة العمّال الذين يقبلون بأجر يقلّ عن 1.25 دولار يوميّاً إلى 10 في المئة".
وتعليق..
إنّ هذا التّقرير مدعاة للتأمّل والتوقّف عند دلالاته، بغية مراجعة الأوضاع وإعادة تصحيح الأمور بما يضمن تحقيق العدالة والأمان الوظيفيّ، ومراعاة حاجات العمّال على مستوى الاستقرار والشّعور بالأمان، وخصوصاً في ظلّ ما يعانيه النّاس اليوم، وعلى مساحة الكرة الأرضيَّة، من تهميشٍ واستغلالٍ وأوضاعٍ اقتصاديّةٍ واجتماعيّةٍ مزريةٍ، تستوجب إعادة النّظر في كثيرٍ من السياسات والنّظم الاقتصاديّة والاجتماعيّة الّتي تتحكّم بمصالح النّاس ومصيرهم وحاضرهم ومستقبلهم. إنَّ تحسين ظروف العمل هو ما يحقّق للحياة نموّها وللإنسان طموحاته. من هنا، لا بدّ من التحلّي بالمسؤوليّة لجهة معالجة مكامن الخلل وتصويبها، فالعمل أمانة ينبغي مراعاتها، انطلاقاً من كون المرء مسؤولاً عن إعمار الحياة وتقدّمها، والذي يمرّ عبر توفير العمل وتحسين ظروفه وعدم الاستغلال والجشع وغير ذلك.
وعن الدّعوة إلى العمل، وفي هذا السّياق يقول سماحة المرجع السيّد فضل الله(رض):
"ثم يطرح الشّعار الّذي أراد الله للإنسان أن يحمله كعنوانٍ للمسيرة كلّها، بعيداً عن كلّ أجواء الاستعراض والمباهاة والكلمات المنتفخة غير المسؤولة: {وَقُلِ اعْمَلُواْ}، فقد جعل الله العمل أمانةً في عنق الإنسان، لأنَّه هو الّذي يؤكّد صدق الإيمان وجدّيّته، وهو الّذي يحقّق للحياة نموّها ومصداقيّتها وتقدّمها، وهو الّذي يجعلها تتحرّك في اتجاه التّغيير، {فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ}، بسبب ما يطَّلع عليه من خفايا عباده وظواهرهم {وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}، من خلال ما يتابعون به المسيرة من رعايةٍ وعنايةٍ وتقييم".[تفسير من وحي القرآن، ج 11، ص 203].