خبر..
تأسّست مدینة "کوکي" القرآنیة في العام 1923 للمیلاد في السنغال، وتعدّ حالیّاً من أهمّ المراکز وأوسعها لتعلیم القرآن في السّنغال.
ونقلاً عن الموقع الإعلاميّ لرابطة الثّقافة والعلاقات الإسلامیّة، فإنّ الدّراسة في المعاهد بهذه المدینة مجانیّة للطلاب.
المدینة ومعاهدها القرآنیّة تحصل علی الدّعم الماليّ من خلال دعم الخرّیجین وأولیاء الطلبة الأثریاء بشکلٍ تطوّعيّ.
ویقوم المرکز بتحفیظ القرآن الکریم وتعلیم العلوم الدینیّة والدروس الرسمیّة لغایة المرحلة الإعدادیّة، بعدها يذهب الخریجون إلی المدارس الثانویّة التي یریدونها للاستمرار في الدراسة .وتحتضن مدینة کوکي جامعاً ومکتبة رئیسة.
ووفق آخر الإحصائیّات، فإنّ السنغال تحتضن 17 ألف مدرسة قرآنیّة، وداراً لتحفیظ القرآن استطاعت تعلیم الکثیر من القرّاء وحفظة کتاب الله...
وتعليق..
لا يخفى ما للثّقافة القرآنيّة من أهميّة لجهة التّعريف بكتاب الله ومفاهيمه، وربط الأجيال الصّاعدة به، بالطّريقة السّليمة التي تفتح القلوب والعقول على ما في القرآن من معانٍ تهدف إلى تربية النّفوس وتهذيبها وهدايتها لما فيه خيرها وفلاحها، وإنّ أيّ جهودٍ في سبيل تعميم التّعليم القرآنيّ الهادف والواعي مطلوبة، من أجل تجذير القرآن ومعانيه وقيمه في النّفوس والعقول، لمواجهة كلّ التحدّيات على المستويات كافّةً. فالحاجة تبقى ملحّةً على صعيد التّعليم القرآني ونشر ثقافته، والأهمّ، أن يتمَّ تدريسه بالأسلوب الّذي يحقّق الهدف في بناء الشخصيّة الإسلاميّة القرآنيّة الواعية والمسوؤلة الّتي تتفاعل مع كتاب الله عمليّاً في واقعها.
وعن القرآن كقاعدةٍ للهدى والحقّ، وكأساسٍ للخطِّ الّذي يجب أن يسلكه الإنسان في حياته، يقول سماحة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض):
"ويعود الحديث عن القرآن، باعتباره الكتاب الّذي أراده الله أن يكون قاعدةً للهدى، وأساساً لحركة الحقّ في الفكر والحياة، لينطلق الإنسان في مسيرته من موقع الثّبات القائم على الوحي المنفتح على الكون كلّه في جميع أوضاعه، وعلى العقيدة كلّها في جميع تفاصيلها، وعلى الإنسان كلّه في جميع أفراده وامتداده في حركة الزّمن، فهو الحقيقة الثّابتة الّتي لا مجال للشّكّ فيها، ولا موضع للزّيادة والنّقصان في آياتها.
{وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ}، فقد أراده الله أن يكون مصدراً للحقيقة في حياة الإنسان، من خلال ما يمثّله من فكرٍ ومنهجٍ وتشريعٍ، ليركّز الوعي على أساسٍ ثابتٍ قويٍّ لا يهتزّ ولا يزول، فليس هناك عبثٌ ولا لغوٌ ولا باطل في أيِّ موقعٍ من مواقعه، لأنَّ الله هو الحقّ، ولا يمكن أن يصدر عنه إلاّ الحقّ الّذي تلتقي فيه الوسيلة بالهدف، والنظريّة بالتّطبيق في انسجامٍ كاملٍ.
{وَبِالْحَقِّ نَزَلَ}، وذلك من خلال ما يبلّغه الرّسول من آياته بكلّ صدقٍ وأمانة، فلا يضيف إليه منه أيّة كلمةٍ مهما كانت، لأنّ دوره هو دور المبلِّغ الّذي لا يملك الحقّ في أيِّ تغييرٍ بالنّصّ الموحى به من الله سبحانه، وهكذا نزل بالحقّ في ما كان يريد أن يؤكّده من مبادئ وأفكار، أو يحقّقه من مواقف ومواقع وأوضاع. وقد أراد الله للقرآن أن يثبِّت الحقّ في الحياة وفي الإنسان، وكان لله ما أراد في حركة القرآن في خطّ التّبليغ والحركة والواقع.
وإذا كان القرآن قد أكَّد الحقّ، كأساسٍ للخطّ الّذي يتحرك فيه الإنسان من خلال المضمون الفكريّ والتّشريعيّ والعمليّ، فلا بدّ لنا من أن نستوحي ذلك في كلّ أوضاعنا العامّة والخاصّة، على مستوى الكلمات والمشاريع والعلاقات والخلفيّات النفسيّة لذلك كلّه، فلا مجال للباطل في شخصيّة الإنسان المسلم الّذي يعتبر القرآن دستوراً له، وعنواناً لحركته في الحياة، ما يفرض العمل على التّوازن في التَّخطيط التربويّ على صعيد صنع الشخصيّة الإنسانيّة.
{وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}، لتبلِّغ النّاس كيف تكون البشارة بالجنّة للعاملين في خطّ الطّاعة لله، وكيف يكون الإنذار بالنّار للسّائرين في خطّ معصيته، وليس لك أن تغيّر أو تبدِّل ما أُرسلتَ به من كتاب".[تفسير من وحي القرآن، ج 14، ص 248- 249].