خبر..
يتجاهل "طبيب الأسنان"، آلا باكش، نظرات الفضوليّين وضجيج الحافلات في بنغالور، ليثبّت ـ وهو الّذي يزاول مهنته في الشارع ـ تركيبة أسنان لدى مريضه مقابل 11 يورو.
ويستخدم آلا باكش كرسيّاً بلاستيكيّاً صغيراً ومرآةً وتيجان أسنان مصنوعة يدويّاً لمعالجة مرضاه في الشّارع، شأنه في ذلك شأن مئات أطبّاء الأسنان الّذين يثيرون حفيظة نظرائهم المرخَّص لهم في الهند.
وهو يردّ على الانتقادات قائلاً إنّه "يقدّم خدمات حيويّة لعشرات الملايين من السكّان، الّذين ليس في وسعهم تكبّد تكاليف علاجات في عيادات طبيّة".
وقال باكش (54 عاماً): "أدرك تمام الإدراك أنَّ الموادَّ المستخدمة هنا لا تمتثل لجميع معايير النَّظافة، لكن في حال بدأت باستعمال تجهيزات متطوّرة، فلن يقصدني الفقراء".
وكثيرة هي الخدمات الّتي تقدَّم في شوارع الهند للفقراء، مثل معالجة الأسنان وتلميع الأحذية وقصّ الشّعر، ولم يدرس آلا باكش طبّ الأسنان في الجامعة، فهو تعلّم المهنة من والده، الّذي وصل في العام 1984 إلى بنغالور، الّتي باتت عاصمة التّكنولوجيا المتقدّمة في البلاد، وفق ما ذكرت وكالة فرانس برس.
واعتمدت الهند قانوناً في العام 1948 لا يسمح سوى لأطبَّاء الأسنان المرخَّص لهم بمزاولة هذه المهنة، لكنَّ الصّياغة غير الواضحة لهذا التّشريع القديم، تفسح المجال للأطبّاء غير المجازين لممارسة هذا العمل.
لكنَّ عدد "أطبّاء الأسنان" في الشّوارع راح ينخفض خلال السّنوات الأخيرة في المدن الكبيرة، مثل نيودلهي وبومباي، نظراً إلى ازدياد الوعي بشأن الإصابة بأمراض معدية مثل الإيدز في حال لم تعقَّم الأدوات، فضلاً عن ارتفاع مستوى المعيشة، وازدياد حاملي الشّهادات في هذا المجال. وفي المقابل، تزداد أعدادهم في المدن الصّغيرة، بالرّغم من محدوديّة الخدمات الّتي يقدّمونها.
وتعليق..
على الرّغم من حالة الفقر والعوز الّتي يعيشها ملايين الهنود، إلا أنَّ هذا لا يبرّر مزاولة هؤلاء للمهنة، ولكنّ المشكلة أيضاً تكمن في غياب التّشريعات الحازمة والقانونيّة الّتي تنظّم المهن، ومن جهة ثانية، هناك شبه غياب رسميّ لجهة التّخطيط والعمل بشكلٍ فاعل لمواجهة الفقر في الهند، ووضع سياسات اجتماعيّة تساعد الفقراء والمحتاجين، وتؤمّن احتياجاتهم بالحدّ الأدنى.
ونطلّ من هنا أيضاً على معضلة اتّساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء على مستوى العالم، وهو ما يستدعي تحركاً عاجلاً لمواجهة مفاعيل ذلك إنسانيّاً وأخلاقيّاً واجتماعيّاً وإنسانيّاً. وتظلّ الجهود الخيريّة، وتعميم روح العطاء والتَّكافل، مطلوبة وهامَّة في واقعٍ يضجُّ بالمشاكل المتنوّعة.
وفي سياقٍ متَّصل بالعطاء والأعمال الخيريَّة، يعتبر سماحة المرجع السيِّد فضل الله(رض)، أنَّ الإنفاق والعطاء من الأعمال الخيريَّة الَّتي تحقِّق التَّكافل الاجتماعيّ، وأنَّ الله "يريد للإنسان أن ينفق من كلِّ ما يحتاجه النَّاس مما عنده من مالٍ أو جاهٍ أو علمٍ أو قوّةٍ أو غير ذلك، فإنَّ السرّ في عظمة الإنفاق في الإسلام، هو تحقيق التّكافل الاجتماعيّ بين النَّاس في جميع المجالات، من موقع المسؤوليَّة والرّغبة في القرب من الله". [تفسير من وحي القرآن، ج6، ص 149].