خبر..
أجبر عضو بارز في البرلمان الإيطالي على الاعتذار بعد تعرّضه لسيل من الانتقادات لوصفه أوّل وزيرة سوداء في بلاده بإنسان الغاب.
وكان روبرتو كالديرولي، نائب رئيس مجلس الشيوخ الإيطالي الّذي ينتمي إلى حزب رابطة الشمال المناهض للمهاجرين، قال إنّ تعيين سيسيلي كيينجي وزيرةً سوف يشجّع "الهجرة غير الشرعيّة" إلى إيطاليا، وأضاف أنّه من الواجب أن تكون "وزيرة في بلدها"، كما ورد في تقارير صحفيّة.
ومنذ تعيين كيينجي، وهي إيطاليّة تنحدر من الكونغو الديمقراطيّة، وزيرةً للاندماج في أبريل/ نيسان، وهي تتعرّض لسلسلة من الإهانات العنصريّة.
وقال كالديرولي في تجمّع سياسيّ في بلدة تريفيجليو شمالي البلاد: "أنا أحبّ الحيوانات مثل الدّببة والذّئاب كما يعرف الجميع، لكن عندما أرى صوراً لكيينجي، لا يسعني إلا أن أفكّر في إنسان الغاب، ولكنّي لا أقول إنّها كذلك".
وأثار تعليق السيناتور الإيطالي انتقادات حادّة على مواقع التّواصل الاجتماعي.
ووجّه عدد من الساسة انتقادات إلى كالديرولي، ومنهم أعضاء من حزبه، وطالب بعضهم باستقالته من منصبه.
وقال رئيس الوزراء الإيطالي أنريكو ليتا في تصريح رسميّ، وعلى حسابه على موقع تويتر، إن تصريحات كالديرولي "تخطّت الحدود".
لكنّ السيناتور الإيطالي اعتذر عن تصريحاته قائلاً إنها كانت جزءاً من جدل أكبر حول قضيّة الهجرة غير المشروعة.
وأفادت وكالة الأنباء الإيطالية بأنّ كالديرولي اتّصل بكيينجي ليعتذر لها بشكل مباشر.
وتعليق..
لقد كرّم الله تعالى الإنسان وميَّزه على جميع خلقه، بغضّ النّظر عن لونه أو جنسه أو لغته أو طريقة عيشه، ولا يجوز لأحد أن يتعدّى حدود الله في عدم احترام خصوصيّات البشر وحقوقهم وكراماتهم وحرماتهم لأيّ سبب كان، فالتفاضل بين البشر يكون بالعمل المفيد والمنتج والتّقوى الّتي تمنع من أيّ انحرافات على مستوى القول والعمل، كما أنّ التنوّع البشريّ مدعاة للإفادة من طاقاته وقدراته، في سبيل تعزيز السّلم الاجتماعي والإنسانيّ، وإغناء الواقع والحياة، والدّفع بالمسيرة الحضاريّة. وأيّ إساءة إلى هذا التنوّع هو إساءة للإنسانيّة جمعاء...
وفي تفسيره للآية المباركة: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}[الحجرات: 13] يقول سماحة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض):
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ} الّذين تختلفون في ألوانكم وقوميّاتكم وخصائصكم الأخرى الّتي تتنوَّع فيها ملامحكم وأشكالكم، {إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى} يلتقيان في كونهما نفساً إنسانيّة واحدة، ويختلفان في خصائص كلّ منهما الذاتيّة الّتي تتكامل وتتّحد وتتفاعل لتكوِّن الإنسان الواحد الّذي هو ثمرة الوحدة في التنوّع، ما يجعل الإنسانيّة تمتدّ من موقع الوحدة والتّمايز الّذي لا يلغي الخصوصيّة، ولكنّه يوحّدها.
{وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ} فيما يختلف فيه النّاس من خصائصهم اللّونيّة أو العرقيّة أو اللّغويّة، أو خصائصهم النسبيّة من اختلاف الآباء والأجداد، {لِتَعَارَفُوا}، فذلك هو الهدف الّذي يجب السّعي إليه والتطلّع نحوه، كغايةٍ من غايات الوجود الإنساني المتنوّع، ما يعني البعد عن تأكيد الذاتيّة وما يفصل النّاس عن بعضهم البعض، والانفتاح على الطّبيعة الواحدة الّتي تحتضن تنوّع البشر أجناساً وشعوباً وقبائل، فالتَّعارف أمر إنسانيّ، غايته إغناء التجربة الإنسانيّة بالمعرفة والتَّجربة المتنوّعة للوصول إلى التَّكامل الإنسانيّ.[تفسير من وحي القرآن، ج 21، ص 160].