خبر..
أصدر رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشَّرعي في فلسطين، الشيخ يوسف إدعيس، قراراً يمنع بموجبه القضاة من إقرار الطَّلاق بين الأزواج خلال شهر رمضان المبارك، إلا إذا اقتضت الضَّرورة، وبعد موافقة دائرة الإرشاد والإصلاح الأسري التّابعة لديوان قاضي القضاة.
وقالت مديرة دائرة الإرشاد والإصلاح الأسري في ديوان قاضي القضاة في الضفّة الغربيّة، سوالفة صوالحة، إنَّ هذا القرار جاء بعد توصية من قسم الإرشاد، وبسبب ارتفاع حالات الطلاق في شهر رمضان المبارك من العام الماضي، مؤكّدةً أنّها هي شخصيّاً لن تقرّ أيَّ حالة طلاق خلال الشّهر الفضيل.
وأضافت صوالحة أنَّ البعض يتَّخذ من شهر رمضان المبارك فريضةً يؤدّيها بكامل مواصفاتها، والبعض الآخر يتّخذ من نقص الطّعام والملذّات والتّدخين، سبباً لإثارة المشاكل، ولا سيّما أنّه يكون صائماً، فتكثر المشاكل الأسريّة بين الأزواج.
وتعليق..
أراد الله تعالى لشهر رمضان المبارك أن يكون شهر المغفرة والتّوبة والرّحمة والخير والبركة والغفران والإخلاص لله تعالى والتقرّب إليه، وتكفيراً عن الذّنوب والسيّئات. ولذلك، علينا أن نغتنم الفرصة في هذا الشّهر، لتهذيب النّفس، وتحسين الخلق، والتّكاتف بين المؤمنين، والإحسان إليهم، والابتعاد عن العصبيّة والتعصّب.
ففي الحديث عن رسول الله(ص): "يقول الله تعالى: من لم تصم جوارحه عن محارمي، فلا حاجة في أن يدع طعامه وشرابه من أجلي".
وقد رأى رسول الله امرأةً صائمةً تسبّ جاريةً لها، وحين دعا لها بطعام، استنكرت قائلةً له: "يا رسول الله، أنا صائمة!"، قال: "كيف تكونين صائمةً وقد سببت جاريتك؟! إنَّ الصّوم ليس من الطّعام والشَّراب، وإنّما جعل ذلك حجاباً عن سواهما من الفواحش من الفعل والقول"، ثم قال(ص): "ما أقلّ الصوّام وأكثر الجوّاع".
والقرار الذي اتَّخذته المحكمة، هو قرار صائب وحكيم، لأنَّ الكثير من حالات الطّلاق، تحدث بسبب عصبيَّة الزّوج الّذي لا يراعي حدود الله ولا حرمة الشّهر الكريم.
وعن المعاني السَّامية لهذا الشَّهر المبارك، يقول سماحة العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "نريد للإنسان عندما يعيش الصَّوم في نفسه، أن يمنع نفسه من الأفكار والنَّوايا والدَّوافع السيِّئة، لأنَّ مشكلة كلّ واحد منَّا هي في أفكاره ونيَّاته ودوافعه، لأنَّ أفكارنا هي الّتي تصنع لنا مواقفنا، ولأنَّ نوايانا هي الّتي تتحرّك في خطّ علاقتنا، ولهذا، إذا أردت أن تكون الصّائم التقيّ المنفتح على الله، فإنّ الله يريد أن يقول لك لا يكفي أن تكون أعضاؤك صائمة عن الشرّ والجريمة وعن الحرام، بل يجب أن تكون أفكارك صائمةً ومشاعرك صائمة، وأن تكون نيّاتك صائمة، لأنَّ للفكر أيضاً صومه، فصوم الفكر يكون بأن تبني للحياة سلامتها وقوّتها، وتبني للنّاس قوّتهم". [جريدة بيّنات، العدد 233].
ويقول سماحته في محاضرة رمضانيَّة: "لتكن جلستنا بعد طول عناء، وفي أجواء شهر رمضان المبارك، مع أنفسنا ومع ربّنا، جلسةً نفحص فيها عقولنا كيف صارت، وقلوبنا كيف صارت، وحياتنا كيف استعملت، هل نحن الأتقياء الّذين نتّقي الله ونخافه في كلّ ما نتكلّم وفي كلّ ما نفعل؟ لأنّ شهر رمضان هو شهر التّقوى الحياتيّة، وعلينا أن نتعلّم كيف نملأ هذا الشّهر بكلّ المعاني الروحيّة والإنسانيّة والاجتماعيّة والعباديّة، حتَّى يعيش الإنسان مع ربِّه ومع الإنسان من حوله ومع نفسه ومع حياته كلّها حياة حقّ وعدل وخير، وعند ذلك يقرب من الله، لأنّ الله تعالى يحبّ الّذين يدعون إلى الحقّ، ويعملون الخير، ويسيرون مع خطى العدل والتّقوى في كلّ مجالات الحياة" محاضرة لسماحته بعنوان: قيمة التّقوى في شهر رمضان ـ موقع بيّنات.