خبر..
تشير أرقامٌ وبياناتٌ رسميَّةٌ إلى أنَّ معظم الأطفال في بريطانيا، سيولدون لآباء غير متزوّجين بحلول العام 2016. وقد ارتفعت نسبة الأطفال المولودين خارج إطار الزّواج إلى 47,5% في العام 2012، ويتوقَّع أن تتجاوز هذه النّسبة 50% في العام 2016. وتشير بيانات مكتب الإحصاء المركزي البريطاني، إلى أنَّ هذه النّسبة لم تكن تتجاوز 4% في العام 1938.
الوزير السّابق لشؤون الطّفولة، تيم لوتون، دعا الحكومة إلى اتخاذ خطوات للحيلولة دون تحلّل النظام العائلي، وذلك بالتّشجيع على الزواج من خلال استخدام نظام الضّرائب.
وقال لوتون لصحيفة الديلي تلغراف، إنَّ "النّاس يغيّرون علاقاتهم بسهولة إذا كانت خارج إطار الزّواج"، لافتاً إلى أنَّ أطفال العائلات الَّتي يحدث فيها طلاق، يواجهون مصاعب دراسيَّة، ويعانون مشاكل نفسيَّة.
وقد تعرَّض رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، لضغوط من بعض أعضاء حزبه، للتّشجيع على الزواج من خلال نظام الضّرائب. ومن جهةٍ ثانية، تسعى خطط لقوانين ضرائبيَّة جديدة قد يتمّ إقرارها في الخريف القادم، إلى توفير 150 جنيهاً استرلينياً سنوياً للأزواج.
وتبيِّن البيانات أنَّ نسبة المتزوّجين انخفضت إلى ما دون 50% في العام 2011، وهذه هي المرّة الأولى الّتي تصل فيها النّسبة إلى هذا المستوى منذ العام 1801، وهي أوّل سنة أُعِدَّ فيها إحصاء سكّاني.
وتعليق..
شرّع الله تعالى الزّواج في الإسلام صوناً للنّفوس، وحفظاً للأنساب والأعراض، وهو سنَّة الأنبياء جميعاً، وهدفه حفظ النَّوع الإنساني وابتغاء الذريَّة الصّالحة. في المقابل، شدّد الله على أنَّ أيّ علاقة بين الجنسين خارج إطار الزّواج الشّرعي، يعدّ عملاً محرّماً، نظراً إلى نتائجه الوخيمة في الدّنيا والآخرة، واعتبر أنّ الأولاد النّاتجين من هذا الزّواج هم أولاد زنا. قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ}[المؤمنون: 5-7]. وقال: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً}[الإسراء: 32].
وفيما يتَّصل بموضوع الزّنا، وفي معرض تفسيره للآية الكريمة: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً}[الإسراء: 32]، يقول سماحة المرجع الإسلاميّ، السيد محمد حسين فضل الله(رض): "وهذا أحد الخطوط القرآنيّة الّتي تريد أن تحدّد للإنسان مسيرته في نطاق العلاقات الإنسانيّة، وهو الخطّ الّذي يضع له الحدود في دائرة العلاقة الجنسيّة، فلا يرخّص له القيام بأيّة ممارسة جنسيّة خارج نطاق الزّواج، لأنّ ذلك يمثّل الفاحشة الّتي تسيء إلى عنصر الطّهارة لدى الإنسان، فتلوّث روحه، وتنحرف به عن الاتجاه السّليم، بما لا ينسجم مع مصلحة الإنسان في نظام حياته، فالله لم يرد للإنسان أن يعيش الغريزة الجنسيّة بشكل فوضويّ، كما لو كانت استجابةً لحالة طارئة في حجم اللّحظة الّتي سرعان ما تأتي وتذهب من دون أن تتعمّق في حياته، بل أراد له أن يعيشها في عمق المعنى الإنسانيّ للعلاقات، بحيث يشعر معها بالهدوء والاستقرار والطّمأنينة، بحيث تمتزج فيها المادّة بالرّوح، وتحقّق له نوعاً من النّظام المتوازن الّذي تتحرّك فيه هذه العلاقة، إذ في الوقت الّذي تشبع الغريزة في جوّ نفسي هادئ ومستقرّ تغمره المودّة والرّحمة، يبدأ مجتمع صغير بالتّشكّل، انطلاقاً من علاقة روحيّة وجسديّة تلتقي فيها الزوجيّة بالأمومة والأبوّة، لإنشاء نظام الأسرة الّذي يجد فيه الجميع المحضن الّذي يرعى العاطفة وينمّي الحنان، ويوحي بالتّرابط الإنسانيّ في نطاق المحبّة، ويتحرّك بالتّالي في اتجاه تأكيد المسؤوليّة الّتي تتوزّع على الجميع، ليمارس كلّ فرد فيها دوره في حركة الحياة، لتكون بمثابة المدرسة الأولى في حمل المسؤوليّة العامّة، من خلال التدرّب على ممارستها في الإطار الخاصّ".
ويتابع سماحته: "وفي ضوء ذلك، كان الزّنا انحرافاً عن هذا الخطّ المستقيم، الّذي يحقّق للإنسان حاجة غريزته داخل نظام الأسرة، وسبباً في إثارة الأجواء السلبيّة الّتي تبعث الاهتزاز في عواطف الإنسان، وتثير القلق في أوضاعه العامّة، وتخلق له الكثير من العقد النّفسيّة، عندما يواجه الموقف حائراً بين حاجة الغريزة إلى الإشباع، وحاجته إلى الاستقرار، وهو إلى جانب ذلك، يثير الفوضى في الأنساب، ويهدّم الأسرة، فتفقد التّماسك العاطفيّ والفيض الرّوحيّ، والجوّ الحميم الّذي يشعر أفرادها بأنّهم يعيشون في وحدة روحيّة تقوم على أساس التّكافل والتّعاطف والشّعور بالمسؤوليّة ووحدة المسير نحو المستقبل، بتعاونٍ يرتكز على قواعد ثابتة".[تفسير من وحي القرآن، ج 14، ص 101].
وفي السّياق نفسه، يعتبر سماحته أنّ العلاقة الجنسيّة خارج نطاق الزّواج تمثّل، في نظر الإسلام، الفاحشة الّتي تسيء إلى عنصر الطّهارة لدى الإنسان، فيقول: "الله تعالى لم يرد للإنسان أن يعيش الغريزة الجنسيّة بشكلٍ فوضويٍّ، كما لو كانت استجابةً سريعةً لحالة طارئة في حجم اللّحظة الّتي سرعان ما تأتي وتذهب من دون أن تتعمّق في حياته، بل أراد له أن يعيشها في عمق المعنى الإنسانيّ للعلاقات، بحيث يشعر معها بالهدوء والاستقرار والطّمأنينة، وتمتزج فيها المادّة بالرّوح، وتحقّق له نوعاً من النّظام المتوازن الّذي تتحرّك فيه هذه العلاقة...". [تفسير من وحي القرآن، ج 14، ص 101].