انتقد العقليّة التي لا تقبل النّقد وتتعامل بقداسة مع المسؤولين
فضل الله: لا ضوء في نفق تشكيل الحكومة
أبدى العلّامة السيّد علي فضل الله خشيته مما يحصل في البلد من أعمال عنفٍ وجريمةٍ وترويع، ومن انعكاس المشهد الاجتماعيّ مزيداً من الاضطرابات الّتي قد تتحوَّل إلى فوضى اجتماعيّة وأمنيّة، لافتاً إلى أنّه لا ضوءَ يظهر في النفق لولادة حكومة، مؤكّدًا أنّنا تربّينا على واقع يرفض عمليّة النّقد، ويتعامل مع من هم في مواقع المسؤوليّة بعقليّة القداسة.
أجاب سماحته في درس التّفسير القرآنيّ عن سؤال حول تصاعد أعداد الجريمة في لبنان فقال:
"إننا ننظر بكثير من الخطورة إلى التّصاعد التدريجيّ في أرقام الجريمة في لبنان، وفي تنوّع هذه الجريمة بين ما هو عنف منزليّ وأسريّ، أو العنف النّاجم من السرقات أو لدواع ثأريّة وغيرها، ولكننا في نهاية المطاف، لا يمكن أن نفصل هذا العنف الدموي عن الحالة المعيشية أو الاقتصادية أو النفسية التي يعيشها الشعب اللّبناني، مع إقرارنا بوجود أسباب خاصّة قد تتسبّب ببعض الجرائم، وهذا يحصل في لبنان وغيره".
أضاف: "ولكن الخطورة تكمن في حالة اللامبالاة التي يعيشها من هم في مواقع المسؤوليّة الكبرى، وتغاضيهم عن هذه الجرائم، أو في عدم تقديرهم لخطورتها الحاليّة والمستقبليّة على المجتمع اللّبنانيّ الذي بات رهين الخوف العام والتوتّرات النفسيّة، فضلاً عن حالة الرّعب التي تنعكس توتّراً مدمّراً على الكثيرين جرّاء توالي هذه الجرائم، أو في ظلّ إطلاق النّيران الذي يحصل جراء المشاكل أو الاحتفاء بمناسبة عامّة أو خاصّة".
وقال: "إننا ندعو المسؤولين عموماً إلى النّظر بجديّة حيال ما يحصل من حالات عنف وترويع، لأنّني أخشى من أن يتأثّر المشهد الاجتماعي الذي يحمل كلّ مخاطر الجوع والآلام النفسية والاجتماعية، بالمشهد السياسي الذي تزيده الخطابات الانفعاليّة وردود الفعل بين المسؤولين، وكذلك على صفحات التواصل الاجتماعيّ، مزيداً من الاضطرابات التي قد تتحوّل إلى فوضى اجتماعيّة وأمنيّة، وتفقد الناس توازنها تحت ضغط المشاكل عليها، فيما تعيش الطّبقة السياسيّة في أوهام الحفاظ على مصالحها ونفوذها وطموحاتها".
وفي ردٍّ على سؤال حول إمكانيّة تشكيل الحكومة، قال:
"في ظلّ الانهيار الشّامل الذي يضرب البلد على جميع المستويات، نرى في عودة السّجالات بين المسؤولين، وتقاذف الكرة فيما بينهم، ورمي الاتهامات المتبادلة، ما يشبه عمليّة الهروب إلى الإمام، والخروج من الحسابات العامّة، ومن كلّ ما يتهدّد البلد، إلى دائرة الحسابات الخاصّة المدمّرة والضيّقة، والتي عرف اللّبنانيون نتائجها التي لا نزال نحصدها إلى الآن... والتي يعرف المسؤولون قبل غيرهم، أن تحصيل الرّبح الخاصّ فيما يتهاوى البلد، يمثّل خسارة كبرى، بعدما بتنا أمام الحقيقة الحاسمة، وهي أنّ البلد مهمل ومتروك لمصيره، بعد رؤية الخارج لطريقة تصرف المسؤولين وإهمالهم لشعبهم ومشاكله".
وأكّد أنّنا "لا نرى ضوءاً في النّفق الحاليّ لولادة الحكومة، بل مزيداً من الأزمات والتراكمات الخطيرة، حتى يستفيق من هم في أبراجهم العاجيّة، أو تكون للشّعب صرخة قويّة تخرجنا من حالة المراوحة القاتلة الّتي إن استمرّت على هذا الحال، فستسقط الهيكل على رؤوس الجميع".
واعتبر سماحته أنّنا "تربّينا على واقع يرفض أيّ نقد، ولا يقبل أيّ توجيه، سواء على المستوى الفردي أو المؤسّساتي، ويعتبر ذلك اتهاماً شخصياً وعدائياً تجاهه، وكذلك نرى الأمر ينعكس على مؤسّسات الدولة، فالتّفتيش أو طلب ملفَّات أو تقارير أمر ممنوع، وكلّ جهة أو فريق يعتبر هذا الأمر موجَّهاً ضدّه وضدّ طائفته أو حزبه، حتى أعطينا من هم في مواقع المسؤوليّة هالة القداسة وأنهم فوق النقد والمساءلة.
***